بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((خلاصة التدوينة : أن يزداد الأغنياء غنى وترفا .. ويزداد الفقراء فقرا .. في ظل عدم دفع الزكاة أو التحلي بالأخلاق الإسلامية في علاقة المجتمع ببعضه البعض (الصدقة ، اعتدال الأسعار ، إنهاء السوق السوداء ، العدل في الأجور ، الكسب الحلال ، البعد عن الربا ... الخ) .. هذا ما لابد من تداركه سريعا والاهتمام ومعرفة خطره .. لأني وأثناء قراءتي لهذا الفصل من الكتاب وجدت أن الظاهرة القديمة تعود للظهور من جديد))
ّ¤؛°`°؛¤ّ·.·*~`¸`- ّ¤؛°`°؛¤ّ·.·*~`¸`- ّ¤؛°`°؛¤ّ·.·*~`¸`- ّالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((خلاصة التدوينة : أن يزداد الأغنياء غنى وترفا .. ويزداد الفقراء فقرا .. في ظل عدم دفع الزكاة أو التحلي بالأخلاق الإسلامية في علاقة المجتمع ببعضه البعض (الصدقة ، اعتدال الأسعار ، إنهاء السوق السوداء ، العدل في الأجور ، الكسب الحلال ، البعد عن الربا ... الخ) .. هذا ما لابد من تداركه سريعا والاهتمام ومعرفة خطره .. لأني وأثناء قراءتي لهذا الفصل من الكتاب وجدت أن الظاهرة القديمة تعود للظهور من جديد))
(ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) .. كتاب رشح لي عدة مرات .. وسمعت عن محتواه الثمين والمفيد حتى تحمست لقراءته .. ولطيف أن لغة الكتاب عربية سليمة وقوية رغم أن صاحبه هندي الأصل !
في فصل عن النظام السياسي والمالي في العصر الجاهلي .. لفت انتباهي وصف النظام المالي للدولة ووجود طبقتين .. ثراء فاحش وفقر مدقع ..
"فكان لكسرى أبرويز :
12 ألف امرأة
وخمسون ألف جواد
وشيء لا يحصى من أدوات الترف والقصور الباذخة ومظاهر الثروة والنعمة ،
وقصره مثال في الأبهة والغنى ،
يقول مكاريوس :
(( لم يرو في التاريخ أن مليكاً بذخ وتنعم مثل الأكاسرة الذين كانت تأتيهم الهدايا والجرايات (الأموال) من كل البلدان الواقعة ما بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى
ولما خرجوا من العراق في الفتح الإسلامي تركوا في الخزائن من الثياب والمتاع والآنية والفضول والألطاف والأدهان ما لا يدرى ما قيمته )).
وقد وجد العرب قبابا تركية مملوءة سلالاً مختمة بالرصاص ، قال العرب : فما حسبناها إلا طعاماً فإذا هي آنية الذهب والفضة ))."
فأين هم الآن .. هل كان للكفن جيوب !
خطر لي وأنا أقرأ هذا البذخ الشديد .. أن الإنسان لا يستطيع التمتع إلا بالشبر (شبر في آن) الذي يقف عليه .. والجواد (جواد في آن) الذي يركبه .. الباقي زائد حتى عن عمره الذي لن يبلغه مهما طال بأن يستمتع بكل هذا .. ثم يكون (إذا لم يتق الله) كل هذا حسرات عليه يوم القيامة.
صدق من قال وهل لابن آدم إلا ما أكل فأفنى أو ما أعطى فأبقى أو لبس فأبلى !
"وعن الأمراء والأغنياء في الشام :
وصار الواحد ينفق على نفسه وعلى جزء من لباسه ما يشبع قرية أو يكسو قبيلة ،.........
عن الشعبي قال :
كان أهل فارس يجعلون قلانسهم (أثوابهم) على قدر أحسابهم في عشائرهم ،
فمن تم شرفه فقيمة قلنسوته (ثوبه) مائة ألف ،
وكان هرمز ممن تم شرفه فكانت قيمتها مائة ألف وكانت مفصصة بالجوهر ، ..............
ذكروا أن يزدجرد آخر ملوك فارس لما فر من المدائن أخذ معه
ألف طاه
وألف مغن
وألف قيم للنمور
وألف قيم للبزاة (ربما هي من بزه أي نوع من الثياب "بدلة")
وآخرين .... وكان يستقل هذا العدد ، (يعني كان يعتبره قليلا ! )
واستسقى الهرمزان ملك الأهواز أمام عمر فأتى به في قدح غليظ ( طلب الهرمزان يوما ماء فجاء به الخدم في كوب رخيص وذوقه متدني)، فقال :
لو مت عطشاً لم أستطع أن أشرب في مثل هذا .
فأتي به في إناء يرضاه . "
طوال قراءتي لهذا الجزء من ترف ملوك كسرى وأنا أحس باختناق من هذا الغنى الفاحش .. وليكونن هذا علاجا لي إذا أحسست يوما بضيق ذات اليد .. أتخيل أن أكون بهذا الثراء .. بالتأكيد سيبدو لي الفقر وقتها أفضل بمئات المرات.
إحساس جميل أن تجد نفسك وقد وسع الله رزقك وتبدأ بالركون إلى الراحة والاستجمام والاستمتاع .. ثم تتوقف .. تشعر أن هناك خطأ .. الدنيا ليست للترف والنعيم والثراء .. كل هذا في الجنة الحبيبة .. هنا أنا عبد / أمة لله أسعى وأشقى وإن أغناني الله من فضله فله الحمد إنما .. النعيم هناك.
"يصر قول مؤلف " إيران في عهد الساسانيين " :
(( كان الفلاحون في شقاء وبؤس عظيم وكانوا مرتبطين بأراضيهم ،
وكانوا يُستخدمون مجاناً ويكلفون كل عمل ،
يقول المؤرخ " اميان مارسيلينوس "
إن هؤلاء الفلاحين البؤساء كانوا يسيرون خلف الجيوش مشاة كأنه قد كتب عليهم الرق الدائم ،
ولم يكونوا ينالون إعانة أو تشجيعاً من راتب أو أجرة
وكانت علاقة الفلاحين بالملاك أصحاب الأراضي كعلاقة العبيد بالسادة ))."
وهذا اختصار لوصف كثير عن معاناة الطبقة الفقيرة.
قال الشيخ الشعراوي مرة في تفسير آية : إن من قوانين الله أن الماء لا يصعد لأعلى إلا إذا إمتلأ الأسفل .. وعلى الإنسان ألا يخالف هذه الطبيعة .. فلا تشبع أنت ومن دونك (من هم أقل منك في المكانة الإجتماعية) جائع ..
وختم الندوي هذا الفصل بقوله :
"بين غنى مطغ وفقر منس :
وهكذا ضاعت رسالة الأنبياء ، والأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية في العالم المتمدن المعمور بين غنى مطغ وفقر منس ........ "
وأختم أنا باقتباس آخر من الكتاب اقتبسه أبو حسن الندوي عن (Robert Briffault ) في حديثه عن الدولة الرومية في كتابه The Making of Humanity :
(( ... ولما كان الفساد مما قامت عليه هذه الدولة فكان لا بد أن تبيد يوماً وتنهار ،....))
التعليقات لديها ما يغني التدوينة أكثر .. أراكم هناك إن شاء الله