2009/08/20

تأملات في الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المكان : على طاولتي في مقر عملي الجديد.

الزمان : أفضل زمان للقراءة .. صباحا وقبل أن يبدأ الدوام الرسمي ويبدأ العمل.

الحدث : زوبعة من المشاعر والأفكار .. أثارها ويثيرها ما بيدي .. وهو كتاب بعنوان : (الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء)



وياله من طريق لتجديد الإيمان قبل دخول رمضان .. ولا تعلمون كم أشعر الآن بالآية الكريمة : {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}

أحسست بأهمية جرعات من التذكير بالله وتجديد الإيمان بجانب العبادات المنتظمة كالصلاة والذكر.

تعلمون أنه بمرور الوقت تبدأ الصلاة -وهي عماد الدين وأساسه- في الفتور والتحول للروتينية وكذلك الذكر .. وينشغل القلب ويضعف الإيمان .. ويبدأ شقاء الإنسان الحقيقي وإن ابتسمت له الحياة.

فما الرائع في الكتاب الذي جعلني -قبل أن أقرأه وأعرف محتواه - أختاره دونا عن غيره كجزء من استعدادي لشهر الصيام والقرآن ؟

إنه .. الإيمان الوليد !

وهي .. رؤية المسلم الجديد لهذا الدين وحماسه له !

ولم يخب ظني مع الكتاب ....

رباه كم هو مدهش أن تسمع كلمات مسلم جديد -تحول من الإلحاد أو التعصب الشديد للنصرانية- عن الإسلام.

أشهد أنها رؤية وكلمات لم تعترينا نحن كمولودين بنعمة الإسلام وفي بيت مسلم ..

أنظروا مثلا إلى قول الكاتب النمساوي الشهير "ليوبولد فايس" والذي صار "محمد أسد" :

(نحن نعد الإسلام أسمى من سائر النظم الحديثة ، لأنه يشمل الحياة بأسرها ، إنه يهتم اهتماما واحدا بالدنيا والآخرة ، وبالنفس والجسد ، وبالفرد والمجتمع .... إنه لا يحملنا على طلب المحال ، ولكنه يهدينا إلى أن نستفيد مما فينا من استعداد ، وإلى أن نصل إلى مستوى أسمى من الحقيقة حيث لا شقاق ولا عداء بين الرأي وبين العمل)

إنه .. لا يحملنا .. على طلب المحال .. ولكنه .. يهدينا إلى أن نستفيد .. مما فينا من استعداد ..


الإسلام منهج كامل لحياة متكاملة ..




وأدهشني عمق تفكيرالمفكر الفرنسي "اتيين دينيه" [ناصر الدين] والذي سيبدو لكم كلامه صعبا بعض الشيء إنما سأوضح لكم معناه بعد الإقتباس :

(إن كلمة الإسلام تعني الرضا بأوامر الله عز وجل أي بما لا يمكن لأي قوة إنسانية أن تحول دونه ، ولكن .. ليس من معانيها الخضوع للأمور التي يبدو أنها يمكن أن يغير مجراها العمل والإقدام .. فهذه العقيدة إذن بعيدة كل البعد عن أن تكون مصدر ضعف ، إنها -على العكس من ذلك- مصدر قوة نفسية لا تضارع بالنسبة للمسلم ، تعينه على احتمال المحن والشدائد)

وهو يعني بالطبع أن إيماننا ورضانا بالقدر خيره وشره لا يمنعنا من أن نسعى ونأخذ بالأسباب ..

فإذا مرضت مثلا فأنا راضية بقدر الله لكن هذا الرضا لا يمنعني من التداوي الذي بإذن الله سيؤدي بي إلى الشفاء .. ولله درها من خصلة عجيبة في الإسلام .. بالفعل مصدر قوة عظيمة .. ولنتذكر قوة إيمان جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لما حوربوا فلم يصمد الكفر أمامهم رضوان الله عليهم وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبشأن الافتراء الشهير على الإسلام أنه : "انتشر بحد السيف" يقول المفكر الفرنسي المسلم "رجاء جارودي" قولا منطقيا عجيبا:


(إن الإسلام دعوة لتحرير الشعوب المقهورة سياسيا واقتصاديا ودينيا ، فقد منح الأمل لجميع المضطهدين {مها : بعدل وقوة هذه الشريعة الحقة}، وطمأن قلوبهم ، فسرعان ما انضموا إلى صفوفه وساعدوه على مناهضة إمبراطوريات كبرى مثل فارس وبيزنطة ، فانهارت الواحدة تلو الأخرى أمامه ، ولم تكن قوته تقارب قوة تلك الممالك عددا ولا عدة ، فمن السذاجة حقا تصور انهيار تلك الكيانات أمام المسلمين بفعل السلاح .. {مها : إنما هو تأييد الله ونصره للمجاهدين في سبيله والحمد لله}

وفضلا عما سبق فإن الفتح الإسلامي لم يشكل استعمارا ، فقد استقبل -مثلا- شعب اسبانيا الفاتحين المسلمين الذين انقذوهم من طغيان وغطرسة سلطات بلادهم الروحية والزمنية ، فلم يقاوموهم .. ولعل أصدق صورة تعكس هذه الحقيقة هي أن العرب فتحوا الأندلس في قرابة سنتين فقط ، في حين تطلب استعادتها منهم سبعة قرون)


بالطبع .. وهل ننسى أن من كفارات الذنوب في الإسلام تحرير الرقاب وقد اعده الإسلام تقربا وطاعة لله .. الإسلام ليس دين استعمار ولا استعباد إنه دين حرية .. حرية بما تحمله الكلمة من معنى .. حرية من كل مخلوق .. وعبودية للخالق وحده لا شريك له

إننا بحاجة لأن يرى أولادنا -من خلال التربية- الإسلام بهذا المنظور.

وقتها .. لن نجد في طرقاتنا حجابا خاطئا ولا تدينا كاذبا زائفا ولا تشبها بالغرب في كل شاردة وواردة مما تفه.

هذا هو التغيير الجذري الصحيح .. النداء بتحسين مستوى الإلتزام والنصح وتغيير المنكر بالقول جميل وهام .. لكنه لا يغني عن العملية الأساسية في بناء مجتمع إسلامي صحيح .. وهي التربية.





***

في الحقيقة لقد أردت أن أتكلم عن شيء آخر تماما إنما جذبني الكتاب إلى هذا الحديث .. وأعتبر ما بالأعلى تدوينة كاملة

لكني سأسمح لنفسي أن أطيل قليلا في التدوينة .... واختصر في الجزء الباقي لأستريح مما أريد قوله

أثناء قراءتي في الكتاب استوقفتني الفقرة التالية :

(هذا ، ويناشد المنصر الكبير السابق "عيسى" دعاة العالم الإسلامي بالتركيز على "بلغاريا" وحل المشاكل المادية التي تقف عقبة في سبيل الدعوة الإسلامية)

لحظة! .. "بلغاريا" .. لقد قرأت هذا الاسم منذ فترة قريبة .. وجذبني وقتها !

نعم .. في كتاب "قصص من التاريخ" للشيخ علي الطنطاوي .. لقد كانت فقرة في المقدمة -ومقدمة هذا الكتاب رائعة بحق- أثارت انتباهي وفضولي كثيرا :

(وهل سمعتهم بالملوك المسلمين الذين حكموا روسية ، وكان لهم فيها حكومة عظيمة ، عاشت دهرا ، وكانت تسمى دولة "البلغار" ، وكانت عاصمتها بقرب "ستالينغراد"؟)


بلغاريا .. ماذا نعرف عن هذا البلد ؟

تعالى يا عم جوجل ......



كنت أظنها في جنوب روسيا -بايحاء من فقرة "قصص من التاريخ"- لكن بالنظر إلى الخريطة -وربنا يخلي جوجل ماب- وجدتها تقع جنوب شرقي أوروبا تحت رومانيا وفوق اليونان وتطل على البحر الأسود




وباطلالة سريعة على ويكيبيديا وجدت معلومات كثيرة أهمها أن الديانة المنتشرة في بلغاريا الآن هي المسيحية 71% ثم الإسلام 27%

وأنها إحدى دول البلقان .. هذه اللفظة .. نعم سمعتها عدة مرات ولم أعلم أين تقع هذه الدول قط .. ولم أحاول المعرفة لكرهي لمادة الجغرافيا ..

حسن .. هي إحدى دول البلقان ولا أريد معرفة الباقي .. بالتأكيد عدد من الدول في محيطها وخلاص !


فتح العثمانيون بلغاريا عام 1396 م وضموها إلى دولة الخلافة. بقيت تحت سيطرتهم أربع مئة سنة.

وخسرناها (مؤقتا) بعد هزيمة بايزيد الصاعقة -وهو أحد الفاتحين المسلمين- على يد الطاغية تيمور لنك (أخيرا عرفت وظيفة لتيمور لنك اللذي أسمع اسمه ولا أعرف عنه شيئا !!) ثم عادت للمسلمين قبل أن نخسرها مرة أخرى.

والفقرة الخطيرة والأخيرة في هذه التدوينة :

استوطن عدد من العثمانيين البلاد كما اعتنق الإسلام عدد من أهل البلاد وقد عرف هؤلاء باسم 'البوماك' ..

وعلى الرغم من طول فترة الحكم الإسلامي لتلك البلاد إلا أن عدد المسلمين لم يكن كبيراً مقارنة مع النصارى (( ذلك لانصراف العثمانيين عن الاهتمام بالدعوة ونشر الدين الإسلامي في البلاد المفتوحة خاصة أوروبا حيث كانت الدعوة يقوم بأمرها الدعاة والمحتسبون على مستوى فردي أو جماعات وليس سياسة دولة شاملة , كذلك لضعف العثمانيين في اللغة العربية جعلهم لا يقومون بواجب الدعوة كما يجب أن يكون .))

1. الفرقة وعدم التنظيم.

2. ضعف اللغة العربية.

أريد أن أقول أن الفقرة السابقة التي وجدتها في ويكيبيديا أعادت لي ذكرى فقرات في "الجانب الخفي وراء اسلام هؤلاء" .. والصرخة التي تتردد دوما من كافة المسلمين الجدد : "إن الجهات التنصيرية منظمة متكاتفة وتتم عن وعي وتخطيط دقيقين بينما الدعوة للإسلام تفتقر هذا كله".

كما أن أكثر المسلمين الجدد حماسا وصدقا في التعرف على هذا الدين اتجه فورا لتعلم اللغة العربية .. لقد فهم مدى أهمية وارتباط هذا الدين -وهو الدين العالمي- بهذه اللغة واعتز بها لا كما يفعل بعضنا ..

لا أنسى أبدا كلمة شاب فرنسي دخل في الإسلام وصعبت عليه اللغة العربية .. وكان يستفسر عن أهمية تعلمه لهذه اللغة .. ثم بعد فترة من التفكير قال :

"ما دام الله عز وجل قد اختار أن يكلمني بهذه اللغة فلن أوفر جهدا في تعلمها"

لله درها من نظرات للإسلام .. ولله دره من إيمان نفتقده.




التعليقات لديها ما يغني التدوينة أكثر .. أراكم هناك إن شاء الله

بحث في فتاتٌ من كلام

Maha's favorite quotes


"إن لمعركة الخبز ضجيجاً يصم الأسماع , والشعوب العابدة لرغيفها سوف تموت دونه , وعلينا أن نوقظ الهمم إلى المعركة الأقسى , معركة الأرض والعرض , معركة الأرض والسماء , معركة الإسلام الذي يترنح من الضربات على كيانه الجلد !!!"— محمد الغزالي