2008/06/06

تايه في العتمة (1)


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لمن يتابعنا حديثا .. يفضل قراءة أجزاء الأولى لهذه التدوينة


ج 1

ج 2

ج 3




***

" إن قضية فلسطين لن تموت لأنها عقيدة في قلب كل مسلم

فهل سمعتم أو قرأتم عن عقيدة يحملها في قلبه ألف مليون يمكن أن تموت ؟؟

إن الناس يموتون في سبيل العقيدة وما ماتت عقيدة من أجل حياة إنسان "

الشيخ الطنطاوي

***




((قلقانة لأني مش قلقانة ))

كانت هذه هي آخر جملة قلتها لندى (صديقتي السورية) قبل عودتنا لمنازلنا مساء الأربعاء .. نعم لست أشعر بالقلق من غد .. ولا من الوقوف أمام الجمهور .. بعض القلق من عدم حفظي للنص جيدا فقط .. ينبغي أن أقلق قليلا .. القلق الذي يفيد ويحث على الإتقان.



السابعة مساءا يوم الأربعاء 30/4/2008 :

عدت للمنزل وبالطبع توجهت للنوم بلا نقاش .. أستطيع فعل أي شيء -بإذن الله- عندما أحصل على قسط كافي من النوم .. بينما لو لم أنل كفايتي من النوم فعلى يومي الجديد السلام


نمت بلا أحلام .. نمت بعد أسابيع من التدريب .. من الإجتماعات في مسرح الكلية .. والتوتر من ضياع الوقت .. وإعادة التدريب على المشهد الواحد مرات .. والإخراج وحده كان حكاية أخرى


غدا وقت الحصاد




***




07:00 صباحا من اليوم الكبير الخميس 1/5/2008 - بيتنا:

استيقظت من نومي وعقلي يصنف ويراجع ما علي فعله حتى الساعة العاشرة أي موعد ذهابي للكلية التي سأنطلق منها للمسرح .. يا رب أعنّي


***

11:00 صباحا - مسرح كليتنا :


عدد لا بأس به من الفتيات كن هناك .. لكن ليس الجميع ! .. غريبة مع أننا اتقفنا أن نذهب للمسرح من الساعة 11 .. أي الآن !!!

أنا : آية .. هو احنا مش المفروض نطلع 11 من هنا على المسرح !!

آية : لا 12

طبعا دهشة مع قليل من الضيق لأنني لم أعرف الموعد المحدد .. أكره أن أجلس دون عمل وورائي أشياء عديدة لفعلها .. تفهمون قصدي



أمسكت بجراب من الرمل بحجم قبضة اليد يستخدمونه في محاضرات التربية البدنية ونزلت عن خشبة المسرح التي نجلس فيها عادة إلى قاعة الجمهور (الخالية من المقاعد كما أشرت سالفا) وجعلت ألقي الجراب إلى أعلى وألتقطه وأنا أراجع في ذهني مشهدي



وكنت أعود قليلا إلى خشبة المسرح لأرى أحوالهم أو أسمع التدريب على الأنشودة أو أرى العروض ببرامج الكومبيوتر التي ستعرض قبل وأثناء وبعد المسرحية ودارت بيننا الأخبار :



- أمس قالت لي أختي أن رسالة عشوائية وصلت لوالدة صديقتها عبر المحمول لتخبرها عن الأمسية الثقافية ! هل أصبحت رسائل المحمول العشوائية أيضا تخدم الاعلان عن أمسيتنا ! الله على عدد الحضور المتوقع !

-- لم تري شيئا بعد .. سيحضر من أقاربي على الأقل 10 نساء

--- أما أنا فأخبرت من أعرف وكلهم متحمسون للحضور واخبار من يعرفونه عن الأمسية

لم أفكر قبلا أنه سيتم عرض أسمائنا بعد المسرحية ! نظرت للعرض الذي قامت به عزيزتنا يسرى (فلسطينية 20 سنة) وابتسمت معلقة "اسمي مكتوب".. ثم أعود للعب بالجراب ومراجعة نصي وانفعالاتي .. ساعة تقريبا وأنا على هذا الحال .. حتى أذن الظهر الساعة 12 إلا دقائق فذهبت للوضوء والصلاة وبدأت الفتيات في التجمع للإنطلاق


***

12:06 ظهرا - أمام الكلية :

3 سيارات ستقلنا إلى المسرح .. سيارة آية وكانت أول سيارة تنطلق من الكلية وتصل إلى المسرح .. ثم بعدها سيارة صديقتنا شروق .. والتي ضلت الطريق لكنها وصلت قبل السيارة الأخيرة وهي سيارة إسراء .. والتي كانت تقلني وعائشة (ميدو) و هديل (عمر) وفتاتين

طبعا يعني كانت هناك مواقف مضحكة وعالم آخر أثناء قيادتنا إلى هناك .. لكني سأختصر هذا الجزء .. يكفي أن حتى ساعات الإنتقال أضيفت إلى اللحظات المحتشدة من الإثارة والتي كونت هذا اليوم المميز



كنا آخر من يصل بسبب سهونا عن المدخل الذي كان يجب أن نسلكه لنصل إلى المسرح مما إضطرنا إلى اتخاذ طريق أطول والالتفاف والعودة .. لكننا هنا أخيرا :D




***


01:15 ظهرا - مسرح الجريمة .. آ أقصد المسرح :



((ياااه صغير لكنه مريح))

كان هذا انطباعي الأول بعد دخولي من باب الجمهور وأثناء مروري في الممرات وسط المقاعد .. لست من مرتادي المسارح (في الحقيقة لست أذكر أني دخلت مسرحا حقيقيا من قبل !) لكن المسرح مكيف والمقاعد مريحة بحالة ممتازة والمكان نظيف مغلق والإضاءة خافته حالمة .. خشبة المسرح تبدو قريبة من الجمهور قليلا ! لكن أبعاد المكان متناسقة .. يعني لو كانت المسافة بين الخشبة والجمهور أبعد لكان هناك خلل ما في منظر المكان


صعدت على الخشبة وعبرت إلى ما وراء الستائر .. إلى الكواليس السحرية .. في منتهى التحمس الآن


قاعة واسعة هي أول ما طالعني .. توجد بها أرائك ومكتب على الشمال وأبواب تقود إلى غرف جانبية


كانت معظم الفتيات هناك .. من تأكل ومن تضع الملابس في أماكنها ومن تتحدث بالهاتف .. فدخلت لأستكشف المكان في انتظار بدء التدريبات النهائية على خشبة المسرح لأول مرة .. هناك غرفة على شمال باب قاعة الكواليس الرئيسية .. دسست رأسي فيه فإذا هي غرفة ضيقة جدا فيها حامل للملابس ومكتب .. حسنا


عبرت القاعة ففي نهايتها ممر قصير تطل منه 6 أبواب .. أول باب على اليمين هو باب مطبخ صغير به ثلاجة تعمل وحوض وبضع خزانات

ثاني وثالث باب هما لدورات مياة لا بأس بها وبها صابون .. ثم باب في آخر الممر بالعرض مغلق .. طبعا كان الفضول يعبث بي طوال الوقت لأعرف ما وراءه .. (فضول مزعج - اصمت من رأسي) .. ثم آخر باب من الشمال هو لغرفة بها 4 أو 5 مراتب تغري إما بالنوم أو بالقفز فوقها .. وحامل طويل للملابس ومرآة وجهاز تكييف ومقعد جلدي متوسط الحجم


أما الباب الاخير في الممر القصير فبه أريكة وحامل للملابس وكرسي

بدلت ملابسي بزي المسرحية (وقد كان هذا خطأ فادحا وستعرفون لماذا حالا .. يال أخطاء المبتدئين) .. وخرجت للقاعة لأجد الصرصار

صرصااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااار

هكذا صاحت الفتيات وهن يجرين بعيدا عن غرفه ما لم ألحظها عندما دخلت القاعة .. فهرعت نحوها لأرى ما بها .. لأجدها غرفة تصفيف الشعر .. ياإلهي ما هذا المسرح الإحترافي .. مقاعد مثل مقاعد الصالونات ومرايا والحوض الذي يتم فيه غسل الشعر والأدراج وكل شيء.

ارتسمت على وجهي ابتسامة واسعة وخرجت لأخبر باقي الفتيات عن تلك الغرفة مسرعة .. و تشييييي



يا جمال هذا اليوم .. لقد تمزق جزء من زي المسرحية الذي أرتديه عندما شبك في شيء بارز من باب الغرفة .. شكرا


- "ماذا عن الصرصور ؟" تساءلت في حيرة

-- " أسماء قامت بالواجب معه " رد من مكان ما

- "حسنا .. متى نبدأ التدريب ؟"

لا رد


- " أين آية يا جماعة .. لابد أن نبدأ التدريب على المسرح الآن .. باقي على المسرحية ساعات ولم نتدرب على المسرح "

كان الجواب : "هناك رجال بالخارج يعملون على بعض المعدات التي سنستخدمها في المسرحية .. مثل جهاز وشاشة العرض وإحضار بعض الديكورات والمقاعد وغيرها"

مططت شفتي تبرما

طيب ماذا الآن .. رأيت الفتيات يتفرقن كل في عمل ما .. ثم جاءت آية (مخرجة المسرحية) ورحاب (مساعد المخرج الهمام والمسؤول عن الستائر :D) ليعلنوا أننا في انتظار انتهاء الرجال من عملهم بالمسرح لنبدأ التدريب


***

03:00 عصرا - الكواليس / المسرح :

تجمعنا لصلاة العصر .. ووقفت في الصف استعدادا للصلاة .. فنظرت لي ريم بتعجب وقالت لي : مهاا !! انت راح تصلي هيك ؟ ثم تحولت دهشتها للضحك عندما رأت تعابير وجهي غير فاهمة في الأول ثم الصدمة من هذا الشرود عندما دفنت وجهي في كفي .. وشارك ريم الضحك كل من كنّ في القاعة .. احم ياللشرود العجيب ! .. لقد كنت سأصلي دون حجاب !!!!

بعد الصلاة انتقلنا للمسرح لنتدرب على المسرحية .. التدريب كان جيدا الحمد لله .. لكن لحظة

- أين المايكات اللاسلكية ؟

-- ستصل قريبا .. ابدأوا أنتم التدريب الآن فقط

- (في نفسي : جرررر .. لا ينقصنا مشاكل مع الصوت أثناء المسرحية .. خاصة أن هناك من سيهمس وهناك من سيصرخ ولابد أن نضبط الصوت )

***

04:00 ظهرا - الكواليس :


عندت من التدريب الأول وبنفسي شيء من الثقة .. رغم ضيقي من عدم وصول المايكروفونات إلا أنه كان جيدا حان الآن التدريب على النشيد وقفت أصواتنا الذهيبة وقيثاراتنا يسرى (فلسطينية - 20 سنة) وندى (سورية - 19 سنة) ومنار (فلسطينية - 20 سنة) وورائهم الكورال

آه نسيت أن أخبركم


الأمسية الثقافية تتكون من فقرات أهمها والحدث الرئيسي لها هو المسرحية ..

تبدأ الأمسية بقراءة آيات من القرآن

ثم كلمة للشيخة هدى الدهيشي ضيفة شرف المسرحية

ثم نشيد عن فلسطين

ثم المسرحية

(فيما بعد اتضح أن هناك بعض الفقرات الأخرى التي لم نعلم عنها شيئا ! لكن سأدع ذكرها لأوانه )

استرخيت على الأريكة واغمضت عيني وانصتت للنشيد .. لقد سمعتهم مرارا يتدربون عليه وأعرف أن أصواتهم فاتنة ما شاء الله

لكن هذه المرة .. ياللروعة .. كنت أفكر وأنا أستمع للإنشاد : يالهن من ماكرات بالتأكيد استعددن لهذا اليوم بشرب نوع من الأعشاب المنقية للصوت ؟ ما شاء الله لا قوة إلا بالله .. (فيما بعد استمعت للنشيد بعد تحميله من على النت بأصوات المنشدين الرجال .. صدقا لا مجال للمقارنة وبدون مجاملة : أصوات أخواتي أحلى بكثير :D)

الحمد لله أن هذه الأصوات قد سخرتها صاحباتها في الحلال وفي القرآن والإنشاد الراقي بدلا من .... الحمد لله وبارك الله فيهن

بعد التدريب وجدنا رحاب تقف وتطالبنا بالإستماع :

- "يا جماعة .. يا جماعة لحظة اسمعوا .. مريم بعتت رسالة دلوقتي وبتقولكم إنها كان نفسها تيجي بس مش حتقدر و ..."

لم أسمع بقية الرسالة بسبب علو صوت الشهقات والإعتراض والكثير من (ييييييي) و (لااا لييييه) .. خيبة أمل وضيق أصابنا جميعا ..

بالرغم يا مرمورة من عدم تواجدك معنا يومها

إلا أنك كنت هناك :)

في قلب كل منا :)

(آه نسيت (مريم : مصرية - 20 سنة) :D)


***

04:35 عصرا :

اجتمعنا مجددا للتدريب الأخير على المسرحية .. بعضنا أدى دوره بشكل أفضل وبعضنا -وأنا أولهم- ساء أدائي في التدريب الأخير

***

05:15 عصرا :

عدت للكواليس وأنا أشعر أني متعبة مرهقة وأكاد أفقد توازني .. تناولت غدائي وإلتقطنا بعض الصور الجماعية وألقيت نظرة على رحاب المسكينة (مصرية - 19 سنة) التي لم تخرج تقريبا من غرفة تصفيف الشعر منذ وصلنا للمكان .. فقد كانت المسؤولة الأولى عن السيشوار والماكياج وما إلى ذلك .. ثم قررت أن علي حقا أن أنفرد بنفسي لساعة حتى لا أسقط من التعب على خشبة المسرح .. ولدي فكرة رائعة عن المكان .. الغرفة إياها ذات المراتب المريحة ..

اتجهت للغرفة لكني وجدت في طريقي فاطمة (فلسطينية - 26 سنة) وهي أخت آية وعضوة في لجنة القدس التي نظمت الأمسية .. فقلت أحادثها سريعا :

- (بحرج حزين) أدائي كان سيئا في التدريب الأخير

-- أنا أثق فيك .. أنا أثق فيكم جميعا .. المهم أن يخرج كلامك نابعا من قلبك .. لا تتقيدي بالنص حرفيا .. المهم الصدق

- (بلهفة وقد أمسكت بطرف الخيط ولم أرد أن أتركه) نعم أنا أرى أن النص كلام مكرر جامد لا أقتنع به .. يعني الجمل سمعناها ألف مرة .. لن تؤثر .. لكن مثلا .. أريد أن أوصل شيئا أنا نفسي اكتشفته خلال مروري بهذه الخبرة الفريدة .. كنت قبلا أقول : ماذا ستفعل المسرحيات والمحاضرات والمسابقات التي نقيمها لفلسطين .. هي بالتأكيد لن تفعل شيئا وحدها .. لكن شئنا أم أبينا إنها من الأدوات القليلة التي نملكها تجاه القضية .. ثم لماذا نمل من الكلام والتذكير والإنتفاض .. واليهود الإسرائيليين لا يملون من القتل والغدر والتدمير

أنا أصرخ في المشهد بأن "دول أخوننا .. أخونننننا" لكنها صرخة جافة .. لماذا لا أضيف ..

محمد الدرة ......... أخي ،

إيمان حجو .......... أختي ،

كل بيت فلسطيني به شهيد ......... بيتي

-- نظرت لي فاطمة بصمت للحظة ثم قالت : هل تعرفين أنني الآن قد أُدمعت عيناي بينما لم أتأثر أثناء التدريب .. اخرجي عن النص وقولي ما تشعرين به .. هي رسالة في الآخر نود أو نوصلها .. وكلي ثقة بالله وكلي ثقة بكم

أفعمني هذا بالأمل والراحة

***

بعدها توجهت للغرفة واستلقيت للراحة .. وبعدي دخلت عائشة (ميدو) وهديل (عمر) ليستجمعوا أفكارهم ومراجعة الدور بعيدا عن الزحام والضوضاء .. في التدوينة القادمة (أرجو أن تكون القادمة التالية مباشرة) سأختم بأحداث الأمسية ذاتها بإذن الله


ملف صور جمعتها وعلقت عليها على الفيس بوك



التعليقات لديها ما يغني التدوينة أكثر .. أراكم هناك إن شاء الله

بحث في فتاتٌ من كلام

Maha's favorite quotes


"إن لمعركة الخبز ضجيجاً يصم الأسماع , والشعوب العابدة لرغيفها سوف تموت دونه , وعلينا أن نوقظ الهمم إلى المعركة الأقسى , معركة الأرض والعرض , معركة الأرض والسماء , معركة الإسلام الذي يترنح من الضربات على كيانه الجلد !!!"— محمد الغزالي