2007/06/25

أطياف الماضي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحدثني إمي عن جدتها وجدها .. حكايات وروايات .. كأنها الأساطير
أستمع لتلك الدراما التي تليق بمسلسلات عربية طويلة .. عيش رغيد وعز ، زوجين متحابين هما والدي جدتي (والدة والدتي) .. ثم انفصال بين الزوجين .. فينشأ الأطفال (جدتي واخواتها) بعيدا عن والدتهم .. يصاب الأب بالشلل في يده .. وهو الذي يعمل بالخط والتخطيط .. ينتقلون من مستوى البشوات والحياة المترفة الناعمة إلى مستوى معيشي أقل
وبعد معاناة يتوفى الأب وتتزوج أخوات جدتي وتظل جدتي شابة في العشرينات من عمرها لا دخل ولا أقرباء لها سوى والدتها التي تنتقل للعيش معها ، وأخواتها المتزوجات

أساطير ورؤى وأحلام .. أغوص في صوت امي وهي تحكي .. عمل جدتي في خياطة الملابس وتجاهد ثم تتزوج جدي
وكان نعم الزوج لها ونعم الأب لأمي وخالي ، تحكي لي مواقف وأسرار وذكريات .. تنهمر الدموع من عينينا

تحدثني كيف كانت جدتي رحمها الله تحكي لها عن أسرتها وعن ذكريات الطفولة والشباب

أتذكر حديث جدتي لي عندما كنت أقيم لديها في الإجازة الصيفيه .. ثم أتذكر جدي والد والدي رحمه الله وكيف كان يحكي لي قصة كفاحه بعد أن توفى والده وهو في رحم أمه .. وكيف كان أصغر أخواته البنات ، وكيف ترك الكّتاب ليعمل ويصف لي كم غضبت منه والدته لذلك الأمر ، يحكي لي إنتقاله للعمل في عدة أماكن ومع أشخاص منهم الطيب والشرير ، وأتذكر خاصة عمله مع الخواجه اليهودي الألماني وكم حكى لي عنه حكايات

أتذكر أحاديث أقاربنا عن جدي (والد والدتي) وكيف اتفق على طيبته وشهامته وثقافته كل من حدثني عنه ، كم كنت أود أن أراك يا جدي ، رحمك الله وغفر لك وأنار قبرك ، نعم لم أره لذا احرص أن أسمع عنه ، ودون جهد مني تأتي سيرته دوما في الزيارات العائلية الصيفية وندعو له ويحدثونني وأخوتي عنه وعن أخلاقه الرفيعة .. ويتبادل الكبار النظرات ثم يطرق الجميع رؤوسهم شوقا و ألما

أحيانا .. أؤنب نفسي .. لم لا أتذكر من هذه الأحاديث إلا القليل

تختم أمي جلستنا بالدعاء لأجدادي ولموتى المسلمين ودعاء ختام المجلس ، ثم أقوم وقد تضاربت في نفسي المشاعر

نعم بعد مدة لا يعلمها إلا الله سنصير إلى ما صاروا إليه

وأعجب أن ذكراهم وأحداث حياتهم ما زالت تروى بعد مرور كل هذه السنين ، وأن هناك من يدعو لهم

وأتذكر الآية في سورة الكهف : ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82) )

وفي تفسيرها إنه كان جدهما هو الصالح .. أبتسم وأقول لأمي : سبحان الله .. تعلمين أني دوما أحكي لك ضمن ما أحكي عن أحداث يومي أني إذا رآني أحد لأول مرة يقول أنه كأنه رآني من قبل .. أو أني أشبه أحدا يعرفه .. ودوما تقولين لي إنه يقال لك ذلك على الدوام .. فمن يا ترى من جدودنا كان صالحا فصلحنا والفضل لله وأحسبنا كذلك من بعده ؟ فتبتسم أمي وتقول سبحان الله

أجدادي .. رحمكم الله وأنار قبوركم وجعل مثواكم الجنة .. وأعاذكم من عذاب النار وعذاب القبر .. وتغمدكم برحمة من عنده .. ورحمنا إذا صرنا إلى ما صرتم إليه .. وجعل لنا من يدعو لنا بعد موتنا كما وفقنا للدعاء لكم بعد موتكم

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات يا رب العالمين

التعليقات لديها ما يغني التدوينة أكثر .. أراكم هناك إن شاء الله

هناك 6 تعليقات:

  1. التدوينة فكرتني بالياه دي
    ((( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)))

    ربنا يرحمهم جميعاً

    ردحذف
  2. آمين أ/محمد ..

    أكثر حاجة كانت مأثرة فيا إن ذكراهم موجوده لغاية دلوقتي .. يعني مثلا والد جدتي ييجي توفى من 100 سنة .. وهم اناس عاديين ومع ذلك ما زال هناك من يدعو لهم بالرحمة

    دوما أتساءل هل هناك من سيدعو لي بالرحمة دوما بعد وفاتي

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا على أية حال بعد جيل أو نحو جيل سينسى الجميع
    ولا يبقى إلا العمل الصالح وربما يكون مايراه البعض من رعاية الله هو عمل صالح لجد لم يعد أحد يذكره لكن الله يذكره

    ردحذف
  4. جزاني وإياك أ/عصفور

    نعم هو ما قلت :)

    ردحذف
  5. مبارك أستاذة مها اختيار قرائك لك وأنت له أهل إن شاء الله

    ردحذف
  6. الله يبارك فيك ، الحمد لله ، ومبارك لك أيضا :)

    ردحذف

إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى

بحث في فتاتٌ من كلام

Maha's favorite quotes


"إن لمعركة الخبز ضجيجاً يصم الأسماع , والشعوب العابدة لرغيفها سوف تموت دونه , وعلينا أن نوقظ الهمم إلى المعركة الأقسى , معركة الأرض والعرض , معركة الأرض والسماء , معركة الإسلام الذي يترنح من الضربات على كيانه الجلد !!!"— محمد الغزالي