2009/11/15

ليست غفلتنا السبب !



بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




لماذا نتهم الناس بالغفلة ؟ لماذا نتهم ما حدث قبل وأثناء وبعد المباراة بالغفلة ؟




ليست الغفلة التي نعاني منها .. فلا أحد يقول : " آه والله تصدق إن مكنتش واخد بالي إن الأقصى قبلتنا الأولى وبيت الله في البقعة الشريفة محتل من أسوأ أهل الأرض وإن المسلمين اللى الرسول صلى الله عليه وسلم آخاهم ووصفهم بالبنيان يشد بعضه بعضا المسلمين دول بيتهانوا ويقتلوا ويحاربوا في بلاد كتير "




ولا أحد ممن ذهبوا إلى حفلة بيونسيه القريبة نظر إليك مندهشا وقال : هل الغناء والرقص والإختلاط الماجن حرام ؟ هل تظن أنه كان أولى بالألف أو الألفين جنيه التي دفعتها لحضور هذا الـ .. ! أن تذهب لمليون شيء آخر أفضل بالتأكيد ؟




ولا أحد ممن يسرق أو يلتهي بالدنيا أو ... أو ... لا يعرف خطأ ما هو فيه ..




لا لا ليست غفلة (على الأقل ليس الكل في غفلة بل قلة) إنما هو تغافل




والفرق بينهما هااام .. فالغافل لا يحتاج سوى لتوعية وإيقاظ .. إنما المتغافل له اسلوب آخر ..


تغافل .. أسبابه عديدة ومتفاوته .. وغالبا السبب الرئيسي هو الإحساس بالعجز .. مع كل الظروف (الحقيقية .. لا أنكر) التي تصطدم بنا أينما كنا ..




لكن صدق أو لا تصدق .. المشكلة ليست في الظروف




المشكلة في ردة فعلنا تجاهها … (لا أظنني بحاجة لضرب أمثال على صحة هذه الفكرة.. لكن تحضرني بشدة هيلين كيلر .. ومن يحتاج إلى مثال أصلا ! .. كم ممن تعرف أو قرأت و سمعت عن كان في أحلك الظروف وبفضل الله ثم سعيه الجاد خرج منها ! )




يا الله كم قلت هذا من قبل لكني أحسه أكثر فأكثر كل مرة .. التوكل .. الإرادة واستغلال الإرادة في حيز التنفيذ .. مع وجووود القدوة .. وجود القدوة .. وجود القدوة مرة كمان ..




القدوة لا تعني دوما شخصا مشهورا .. ممكن جار جدع .. أو صديق متدين صح .. أو مدير ناجح تقي




قدوة يدها تيبست من العمل في الدنيا وقلبها مليء بالإسلام




قدوة مجتهدة في الدراسة أو العمل ولا تنفك تفكر في فلسطين المحتلة ولا العراق وأفغانستان وما يفعل فيهما من مهازل




لن أقول جديدا في التالي :


الرياضة مباحة وجميل أن نرى أخيرا تجمعا من الناس على شيء مباح .. نرى حماسة جماعية قلما نراها لتشجيع ونصرة شيء ما


شخصيا كان هذا كفيل بأن يجعلني "فوق القمر" من السعادة كما يقول التعبير


إنما لم تتملكني هذه المرة ولا ذرة سعادة .. 


1. قفز إلى ذهني مباشرة عندما سمعت ما حدث من تراشق مؤسف بين المصريين والجزائرين هذا الموقف القديم :


الأوس والخزرج بعد أن ألف الله قلوبهم في الإسلام يجلسون مجتمعين فيأتي إليهم شاب يهودي إندس بينهم يذكرهم بما كانوا عليه قبل الإسلام حتى تنازعوا بينهم .. فتحزب الأوس معا ووقفوا أمام الخزرج .. وخرج عليهم صلوات الله وسلامه عليه وهم على هذا الحال .. فقال :


 يا معشر المسلمين الله الله !



أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم  !



بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به 


وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بينكم 


ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا !!


طيب يعني لم ننصر إخواننا في الدين في فلسطين والسودان والصومال والعراق وافغانستان والشيشان و و و ..... لكن أن نبدأ أيضا بمحاربة دولة إسلامية شقيقة وإشعال النفوس والضغائن ! هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :


المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا . وشبك بين أصابعه .


فهذا مما لا يحتمل.



2. وضع الاهتمام في المكان الخاطئ .. بل والمبالغة فيه .. فلم أملك إلا أن يوجعني قلبي وأقول لو أن هذه الجماهير نفرت مثل هذه النفرة لرفع الظلم حتى عن أنفسهم داخل بلدهم .. أو عن اخوانهم .. أو نفرة للعلم والتطور .. نفرة جادة !


يقول د.أحمد خالد توفيق الكاتب المبدع .. لو اجتمع العرب وبصقوا على اسرائيل لأغرقوها.



3. المهااازل التي تحدث بعد المباراة .. خذ عندك .. غير الرقص في الشارع والأفعال الصبيانية من صواريخ وعلب الرشاش والأزياء وما تفعله الفتيات مما لا يصح ولست بحاجة لذكر التفاصيل !



فإن كل هذا لا يسعد .. لكنه أهون لدي بكثييير من عبارة واحدة قيلت أمامي :


"عشان تعرفوا إن كأس العالم للكبار"


عبارة مقيتة .. تحمل العنصرية .. تحمل إهانة للفريق المنافس .. تحمل غرور وعجب وتكبر كاذب .. 


أتعرفون ما تفسير هذه الآية عند القرطبي : 


{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت (65)]



فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ
يَعْنِي السُّفُن وَخَافُوا الْغَرَق
دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
أَيْ صَادِقِينَ فِي نِيَّاتهمْ وَتَرَكُوا عِبَادَة الْأَصْنَام وَدُعَاءَهَا
فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
أَيْ يَدْعُونَ مَعَهُ غَيْره وَمَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا وَقِيلَ : إِشْرَاكهمْ أَنْ يَقُول قَائِلهمْ لَوْلَا اللَّه وَالرَّئِيس أَوْ الْمَلَّاح لَغَرِقْنَا فَيَجْعَلُونَ مَا فَعَلَ اللَّه لَهُمْ مِنْ النَّجَاة قِسْمَة بَيْن اللَّه وَبَيْن خَلْقه




ممم .. لا أدري لماذا تتداعى لي بعض المشاهد الآن : 


فإذا جاء موعد المباراة وكان الخوف من الخسارة .. هيا نوحد الدعاء في الملعب : يااارب !



ثم إذا حصل الفوز : المصريين أهما .. لولا خطة مش عارف مين .. لولا جون مين .. 


والله يعلم أني لا أتهم أحدا (( بل إن شاء الله هذا بعيد عنا )) لكني أذكر أننا بحاجة للروح الإسلامية الرياضية هنا :


"الحمد لله الذي أعاننا له الفضل .. ولكم يا فريقنا المنافس التحية كانت مباراة شريفة واستمتعنا بها"


هل هذا كثير لأرجوه ؟




مـتـعـلـقـــات :

المعركة الخطأ.. كالعادة


التعليقات لديها ما يغني التدوينة أكثر .. أراكم هناك إن شاء الله

هناك 9 تعليقات:

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    أولاً جزاك الله خيراً علي هذا الموضوع الطيب و لكن لي بضعة تعليقات.

    اختلف في أن الموضوع ليس غفلة و يقيني أنه كذلك نابع من أنه عندما أُبعد أفراد هذه الأمة من مصادر التربية الطبيعية كان لابد أن تكون هذه النتيجة, عنما تصبح الخلافة العثمانية احتلالاً و الغزو الفرنسي تنويراً, عندما يُحيد القرآن من كتب الدراسة و تعتبر الأحاديث النبوية تراثاً, عندما يسمي الحجاب رجعية و يصبح الخمار قيداً, حينما لا يُمارس الإسلام في شتي مجالات الحياة و يصبح الانتماء للوطن و القومية .... لابد أن تكون هذه النتيجة.

    هؤلاء البشر يتوقون لشئ سامٍ ينتمون إليه و مضغوطون تحت وطأة شظف العيش و قسوة الظروف و مرارات الهزيمة و الفقر و مع قلة أو انعدام التربية الإيمانية.. لابد أن تذهب المفاهيم الإسلامية من توحد و إخاء و حفاوة إلي الخلفية و يظهر التعصب المقيت لصغائر الأمور و رغبة محمومة للنجاح في أي شئ يخفف من قسوة الفشل في كل شئ ذي قيمة في هذه الدنيا علي المستوي الفردي و الأممي.

    ما نحن فيه _عامة المسلمين_ هي غفلة و ليست تغافل. غفلة ولدتها الظروف الحالية المحزنة و محاولة للهروب من واقع أليم مليئ بالهزائم المخزية . و صدقيني لو رأيت المنتديات و في أحاديث الناس في الشارع كيف ينقلبون إلي النقيض من عداوة لإخوانهم المسلمين إلي حب و توبة علي مشاعرهم السلبية بمجرد التذكير يآية أو أحاديث النبي لعلمت يقيناً أن الإسلام مازال حياً في القلوب و لكن الخطاب الرسمي و الإعلامي و التربوي جعله في المؤخرة لا يظهر إلا حين نذكر به بعضنا البعض.

    ما ترينه في الإعلام هم الرعاع الذين يُسلط عليهم الأضواء... هم نفس الرعاع الذين يؤيدون الحكام امام الكاميرات... هم نفس الرعاع الذين يزورون إرادات الشعوب في الانتخابات ... و ليسوا هم الأمة...

    الصورة ليست شديدة القتامة و هي ليست وردية أيضاً .. نحتاج لتوعية و فقه بأولوية الأمور و توجيه لطاقات هذه الأمة لما ينفعنا و تقوية الشعور بأن النجاح و النصر ممكن إذا صلحت النوايا لإرضاء الله.. و أن الكرة ليست نهاية المطاف و ليست البديل فلنتحمس لها علي سبيل التسلية ثم لا ندع هذا الحماس يغادر الملعب كما لا تغادره الكرة.

    في هذه الاحداث استحضرني حديثين لرسول الله صلي الله عليه و سلم:

    "يوشك الأمم أن تداعي عليكم كما تداعي الأكلة إلي قصعتها. فقال قائل: و من قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير؛ و لكنكم غثاء كغثاء السيل و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم , و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله! و ما الوهن؟ قال حب الدنيا و كراهية الموت " حديث صحيح صححه الألباني سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني.

    الجزائر + مصر = 35 + 80 = 115 مليوناً غثاء كغثاء السيل منهم من يدفع ما يملك ليلعب فريقه في كأس العالم أما الإسلام فله الله .

    أما الثاني "فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : سيأتي علي الناس سنوات خداعات يُصدق فيها الكاذب و يُكذب فيها الصادق و يُئتمن فيها الخائن و يُخون فيها الأمين و ينطق فيها الرويبضة قيل و ما الرويبضة قال الرجل التافه في أمر العامة" صحيح سنن بن ماجة, صححه الألباني.
    انظري في برامج التليفزيون أو تصفحي الجرائد فسترينهم و ستعلمينهم ... هم التافهون يتكلمون في أمور الناس يعظمون توافه الامور و يشعلون المعارك الكلامية و النزعات الوطنية لا الإسلامية , و يعلون من مكسب مباراة كفتح عظيم... و الأحمق من تبع هؤلاء.

    آسف علي طول التعليق

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    ردحذف
  2. بجد مدونه جامده جدا وفيها موضوعات حلوه

    تمنياتى بالتوفيق دائما

    ردحذف
  3. اتنى بتسالى عن القدوة

    هوة فية قدوة الايام دى

    فين الجار والاب والخال والرئيس القدوة الايام دى

    دى حاجات اندثرت زى الدنياصورات

    ردحذف
  4. أ/محمود

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    لا شك أن هناك غفلة حقيقية إنما التغافل أعم .. بمعنى ....

    الحلال بيّن والحرام بيّن .. ووسائل الإعلام الحديثة تأتي لك بالخبر من الفضاء وتوصله لك ولو في أعماق الأرض.

    ما ذكرته أنت من "تحوير" للمسميات ليس غفلة إنما "استغفال" لنا ومؤامرات تحاك ممن يريد الإسلام والمسلمين بسوء .. وإن كنا نصدقها ((فلغفلة منا جاءت عن تغافل)) .. أنا لا أريد أن أبحث عن الحقيقة .. لا أريد أن أفكر قليلا فيما يقال لي أو يحدث حولي أو أقرأه أو أتعلمه في المدارس .. "كبّر دماغك" و"ما تعملش فيها أبو العرّيف" و"هو كل حاجة مؤامرة" .. كلها عبارات تؤكد التغافل .. ونعم التغافل يؤدي إلى غفلة حقيقة عند البعض !

    تعرف بالتأكيد الحديث الضعيف : لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا .. حسنا هي نفس الفكرة .. تغافل فتغفل ..

    ومثال النعامة الشهير .. تدفن رأسها في التراب فهي تظن إنها إن لم تر الخطر فهو غير موجود .. حسنا هي تجاهلت الخطر فجهلته بالفعل !

    ((إذن نعم هناك غفلة .. غالبا ما يكون سببها التغافل .. وقد لا يكون !))

    هذا ما أردت قوله في التدوينة .... وهو ليس تفلسف مني .. عليك أن تشخص المرض بالضبط لتحدد العلاج المناسب .. وإلا فعالج من هنا للصبح لن يفيد شيئا وتضرب كفا بكف وتقول أين المشكلة !

    بالنسبة للفقرة الثانية من تعليقك .. نعم لقد قلتها سابقا .. الظروف صعبة وحقيقية .. لهذا لم أستغرب من ردة فعل الجماهير في المباراة ولهذا لا نستغرب طرق التنفيس العديدة "انتشار الجريمة والهجرة من البلاد والبعد عن الدين والقرب منه ايضا واحراق العلم الاسرائيلي كل فترة والاعتصامات والمجموعات المعارضة و .. و..." كلها طرق تنفيس عن كبت بعضها في الاتجاه الصحيح وأغلبها خاطئ.

    التغافل يحتاج لتشجيع بشكل ما على تركه .. كما قلت ربما من أفضل الحلول في رأيي وجود قدوة صالحة تشجعك على ترك التغافل وترشدك لطرق إيجابية في التعامل مع ما يحدث حولك وبالتأكيد هناك طرق أخرى كثيرة لمعالجة التغافل.

    إنما الغفلة يسهل أحيانا معالجتها بالنصح والتوعية كما قلت في فقرة تعليقك الثالثة.

    نعم الصورة ليست شديدة القتامة ولا وردية أيضا .. إنما فقط ركزت على الجانب السلبي لأطرح مشكلة وحلها.

    جزاك الله خيرا التعليق غني وأفادني خاصة جزء الأحاديث .. أعزك الله

    ردحذف
  5. أ/ياسر

    شكرا على كلماتك الطيبة :) شرفتني بالزيارة

    مروة

    منورة أولا

    ثانيا أديني بقول وبحاول مع نفسي واللى يقرأ يحاول مع نفسه وربنا هو الموفق :)

    ردحذف
  6. ماشاء الله موضوع رائع اتفق معكِ في معظم كلامك,
    واشرتي الى ما اردت الاشاره اليه تماما,
    جزاكِ الله خيرا.

    ردحذف
  7. هو تغافل عن المفروض
    الأهتمام به حقاً واستسهالاً
    لأخذ البديل ..........كيف؟
    لا طاقة لنا كأفراد بتحرير الاقصى
    ولكن التصفير والطبل والزمر للمبارة
    وخلق عدو وهمى(شعب الجزائر وفريقها)اسهل!

    ردحذف
  8. تحليلك صحيح يا نورا ..

    نورتي

    ردحذف

إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى

بحث في فتاتٌ من كلام

Maha's favorite quotes


"إن لمعركة الخبز ضجيجاً يصم الأسماع , والشعوب العابدة لرغيفها سوف تموت دونه , وعلينا أن نوقظ الهمم إلى المعركة الأقسى , معركة الأرض والعرض , معركة الأرض والسماء , معركة الإسلام الذي يترنح من الضربات على كيانه الجلد !!!"— محمد الغزالي